/ الفَائِدَةُ : ( 1 ) /
12/08/2024
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / العقل الكُلِّيُّ والجُزْئِيُّ / يَجْدُرُ الْاِلْتِفَات : أَنَّ العقل المُدبِّر لعَالَم الأَكوان يُسمَّىٰ : (عقلاً كُلِّيّاً). والمراد من الكُلِّيَّة في المقام : السَّعَة والإِحاطة والكمال والهيمنة الوجوديَّة التَّكوينيَّة ، وإِلَّا فعقلاً جزئيّاً . وبعبارة أُخرىٰ : أَنَّ المراد من العقل الكُلِّيّ ذلك العقل الَّذي له اِرتباط بنفس كُلِّيَّةٍ . والمراد من العقل الجزئيّ ذلك العقل الَّذي له اِرتباط بنفس جزئيَّةٍ . ومعناه : أَنَّ صفة الكُلِّيَّة والجزئيَّة تكون بلحاظ المُتأثِّر والقابل والمُنْفَعِل بالعقل ؛ وهو النَّفس ؛ فإِنَّه إِنْ كانت نفساً كُلِّيَّة سُمِّي العقل المُرتبط والمُؤثِّر بها عقلاً كُلِّيّاً ، وإِنْ كانت ـ النَّفس ـ جزئيَّة سُمِّي العقل المُرتبِط والمُؤثِّر بها عقلاً جزئيّاً . وإِلَّا فحقيقة العقل : جوهر مُجرَّد تجرُّداً نسبيّاً(1) ذاتاً وفعلاً ؛ في عَالَم فوق عَالَم الآخرة الأَبديَّة وتحت العرش ، ولا يحتاج في أَصل وجوده ولا فعليَّته وفعله إِلى نفسٍ أَو بدن أَو شيء آخر يحلُّ فيه . وَإِنْ شِئْتَ فَقُل : المراد من العقل الكُلِّيِّ والعقول الكُلِّيَّة في اِصطِلاح أَبواب المعارف والمباحث العقليَّة ليس الكُلِّيَّ المنطقي ـ أَعني : المفهوم القابل للانطباق علىٰ أَكثر مِنْ مصداق ـ بل الكُلِّيّ باِصطِلَاح علم الِاقتصاد ـ أَعني : الكُلّ ، أَي : السَّعَة والإِحاطة والشُّموليَّة الخارجيَّة ـ . وَإِنْ شِئْتَ فَقُل : المراد من العقل الكُلِّيِّ والعقول الكُلِّيَّة في اِصطِلاح أَبواب المعارف والمباحث العقليَّة ليس الكُلِّيَّ المنطقي ـ أَعني : المفهوم القابل للاِنْطِبَاق علىٰ أَكثر مِنْ مصداق ـ بل الكُلِّيّ باِصطِلَاح علم الِاقتصاد ـ أَعني : الكُلّ ، أَي : السَّعَة والإِحاطة والشُّموليَّة الخارجيَّة . وَلَكَ أَنْ تَقُول : إِنَّ العقل إِنْ كان وسيعاً ومرسلاً، ولم يرتبط ويتشابك بأَمرٍ وبدنٍ خاصٍّ اُصْطُلِحَ عليه بـ : (العقل الكُلِّيِّ) وإِلَّا اُصْطُلِحَ عليه بـ : (العقل الجزئيِّ). وعليه قس : مُصْطَلَح : (الرُّوح الكُلِّيَّة) و(الرُّوح الجزئيَّة) ، و(النَّفس الكُلِّيَّة) و(النَّفس الجزئيَّة). ثُمَّ إِنَّه يَنْبَغِي الْاِلْتِفَات : إِلى ما جرىٰ بين الفلاسفة من خلافٍ في اِنحصار العقول الكُلِّيَّة وعدمة . اِخْتَار المَشَّاء الأَوَّل ، وضبطه بـ : (العقول العَشَرَة). واخْتَار الإِشْرَاق الثَّاني ، وهو المطابق لبيانات الوحي الزَّاهرة واعلامه الباهرة ؛ الدَّالَّة علىٰ عدم تناهي درجاتها . وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) يَجْدُرُ الْاِلْتِفَات في المقام إِلى القضايا الثَّلاث التَّالية : /القضيَّة الأُولَىٰ :/ /للعقل مادَّة وصورة عقليَّة/ إِنَّه وإِنْ لم تكن للعقل أَبعاد الجسم الثَّلاثة ـ الطول والعَرَض والعمق (الارتفاع) ـ لكنَّ له مادَّة لطيفة وصورة ، لكنَّها ليست صاحبة أَبعاد جغرافيَّة ، فهو وإِنْ لم يكن جسماً بالمعنىٰ الأَوَّل ـ أَي : صاحب الأَبعاد الثَّلاثة ـ لكنَّه جسم بالمعنىٰ الثَّاني ـ أَي : صاحب مادَّة وصورة ؛ ليست لها الأَبعاد الجغرافيَّة الثَّلاثة ـ ، فالتفت ، وتأَمَّل جيِّداً . /القضيَّة الثَّانية : / /مُصْطَلَح وعنوان (المادَّة) / إِنَّ مُصْطَلَح وعنوان (المادَّة) : يُطلق في العلوم التَّجريبيَّة ويُراد منه : الطاقة المُتَكثِّفَة . ويُطلق في العلوم العقليَّة ويُراد منه : جوهر مُتَّصف بأَبعاد الجسم الثلاثة ـ الطول والعَرَض والعمق ـ ، وحينئذٍ يكون قابلاً للانقسام ، فتكون له صورة . والْحَقُّ : أَنَّ مُصْطَلَح وعنوان (المادَّة)أَعَمُّ من ذلك ، ولا ينحصر بأَبعاد الجسم الثلاثة ، كما سَيَتَّضِح (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى)في القضيَّة التالية . /القضيَّة الثَّالثة : / /حقيقة (المادَّة) / / المادَّة جسمانيَّة وغير جسمانيَّة كالعقليَّة/ المُرَاد من المادَّة ـ سوآء كانت جسمانيَّة أَو غيرها ـ في المباحث العقليَّة : وجود قوَّة وقابليَّة علىٰ التكامل والنَّمو والتطوُّر والِاشْتِدَاد الكمالي . وعليه : فالمادَّة الجوهريَّة لا تلازم الأَبعاد الجسمانيَّة ـ خلافاً لأَكثر الفلاسفة والُمتكلِّمين ؛ فإِنَّهم بَنَوا علىٰ التَّلازم ـ ومن ثَمَّ يمكن تصوُّر مادَّة عقليَّة تتكامل من خلالها العوالم والنَّشَآت قبل هذا العَالَم وبعده